كيف نسمع الأصوات؟

رحلة الصوت من الهواء إلى الدماغ تثير فضول الأطفال وتبيّن لهم كيفية سماع الأصوات وفهمها. نتناول في هذا المقال دور الأذن الخارجية والوسطى والداخلية في جمع الاهتزازات وتضخيمها وتحويلها إلى إشارات كهربائية يفسرها الدماغ، مع أمثلة وتجارب بسيطة تناسب العالم الصغير.

كيف نسمع الأصوات؟
شرح رحلة الصوت من الأذن إلى الدماغ وكيف نسمع الأصوات بصورة مبسطة للأطفال ضمن العالم الصغير


هل توقفت يوماً لتتخيل كيف يتحول صوت العصافير، أو كلمات صديقك، إلى إشارات يفهمها دماغك؟ بالنسبة للطفل الفضولي، قد يبدو الأمر أشبه بالسحر، لكنه في الواقع سلسلة متقنة من الأحداث الفيزيولوجية التي تكشف عظمة تصميم الجسم البشري. إن فهم رحلة الصوت داخل الأذن يثري وعي الأطفال بالعلم ويعزز تقديرهم لحواسهم.

رحلة الصوت إلى داخل الأذن

يبدأ كل شيء حين تنطلق موجات صوتية من مصدر ما، كالآلة الموسيقية أو صوت الإنسان. هذه الموجات هي اهتزازات في الهواء تنتقل في كل اتجاه. تستقبل الأذن الخارجية هذه الموجات من خلال صيوان الأذن، وهو الجزء الظاهر الذي يجمع الصوت ويعمل كطبق عاكس. تمر الموجات عبر قناة الأذن إلى طبلة الأذن، وهي غشاء رقيق يهتز بنفس تردد الموجات التي تطرق عليه. تخيل الطبلة كبحيرة صغيرة ترمي فيها حجراً؛ كل تموج يمثل جزءاً من الصوت.

وراء الطبلة توجد الأذن الوسطى، التي تحتوي على أصغر ثلاث عظام في الجسم: المطرقة والسندان والركاب. تعمل هذه العظام كرافعات دقيقة تنقل الاهتزازات من الطبلة وتزيد قوتها. هذا التضخيم ضروري لأن الموجات التالية ستدخل بيئة مليئة بالسائل بدلاً من الهواء. ينتقل الصوت من خلال هذه العظام إلى الأذن الداخلية عبر نافذة صغيرة تُسمى النافذة البيضاوية.

كيف يحول الدماغ الاهتزازات الى معنى؟ 

عندما تصل الاهتزازات إلى الأذن الداخلية، تدخل القوقعة، وهي بنية حلزونية مملوءة بسائل. تتحرك السوائل داخل القوقعة محدثة موجة على امتداد غشاء يسمى الغشاء القاعدي. على هذا الغشاء يوجد آلاف الخلايا الشعرية الدقيقة. كل صف من هذه الخلايا يستجيب للترددات المختلفة؛ الخلايا القريبة من المدخل تستجيب للترددات العالية، بينما الخلايا العميقة تستجيب للترددات المنخفضة. عندما تهتز هذه الخلايا، تنثني شعيراتها الصغيرة، وتفتح قنوات تسمح للأيونات بالدخول إلى الخلية. بذلك تتحول الحركة إلى إشارة كهربائية. تنتقل هذه الإشارات عبر العصب السمعي إلى الدماغ.

في الدماغ، تُعالج هذه الإشارات في مناطق مختلفة، حيث يُفسر المخ الأنماط الكهربائية التي تأتي من الأذن على أنها موسيقى أو كلام أو ضوضاء. تتعلم أدمغتنا بمرور الوقت تمييز الأصوات وتحديد اتجاهها ومعناها. لهذا السبب يستطيع الإنسان التفريق بين صوت صديق وصوت غريب، أو الاستمتاع بأغنية معينة من بين عشرات الأصوات الأخرى.

عملية السمع مثال على تناغم بين البنية والوظيفة. إن الاهتمام بصحة الأذن، مثل تجنب الأصوات العالية وتنظيف الأذنين بحذر، يحافظ على هذه الآلية الرائعة. يمكنك إجراء تجربة بسيطة لفهم وظيفة الأذن الوسطى: اصنع غطاء ورقي على شكل مخروط وضعه عند أذنك لتلاحظ كيف يزيد الصوت؛ هذا مشابه لعمل صيوان الأذن. كما يمكن استخدام شوكة رنانة وضربها برفق ثم وضعها بالقرب من الأذن؛ ستشعر بالاهتزازات وهي تنتقل من الهواء إلى الأذن. كل هذه التجارب تبسط مفاهيم معقدة بطريقة ملموسة.

عندما نفهم كيف نسمع، ندرك أن السمع أكثر من مجرد وظيفة بيولوجية؛ إنها رحلة صوتية تبدأ باضطراب بسيط في الهواء وتنتهي بوعي ومعنى في الدماغ. هذا الوعي يجعلنا نقدر صعوبة عمل هذه الأعضاء الصغيرة، ويدفعنا للحفاظ على نعمة السمع بكل عناية ومحبة.